مفوضية كينشاسا المستقلة
  تحيا سوريا ... ليحي لبنان
 
تحيا سورية.. ليحي لبنان
 
يعاتبنا البعض ويلومنا حتى الاتهام بالخيانة، لأننا نهتف لتحي سوريا ولا نقول عاش لبنان أو ليحي لبنان، لكأننا ننكر "وطننا" ولا نريد الحياة له ونريد إلغاءه من الوجود وتضييع كيانه وسيادته.
 
نعم، نحن في لبنان نحمل الجنسية اللبنانية، وننتمي الى الدولة اللبنانية، ونمارس الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية فيه، ونحن لبنانيون، ولكننا مع كل ذلك نعرف الحقيقة التاريخية والواقعية وهي أننا أبناء سورية التي تبسط حدودها بين المتوسط والخليج والصحراء، وبين تركيا والسويس. ونقول إنها بلادنا الغنية العظيمة في التاريخ، والتي عندما قسّمها الاستعمار في معاهدة سايكس_ بيكو؛ حكم عليها بالضعف والموت البطيء تحت وطأة أزماتها وأمام هجمة المشروع الصهيوني الرهيب.
 
نحن ندرك أننا أبناء الأمة السورية التي هي إحدى أمم العالم العربي، وإننا يجب أن نعمل لحياة أمتنا حتى تحيا كل أجزائها، وتتحرر أراضيها السليبة في الشمال التركي وفي الجنوب الفلسطيني، ونعمل لتنشأ جبهة العالم العربي الكبيرة القوية في وجه الاتحاديات القارية التي يشهد العالم نشوءها اليوم.
ونحن كلبنانيين، لا نرى ضيراً ولا خطيئة أن نقول يحيا لبنان. وان هذا القول يرضي عاطفتنا الوطنية اللبنانية ووجداننا الاجتماعي والسياسي. فنحن نحب بلدنا وطبيعته وجماله وأهله، ونتألم لما يحل به من ويلات ومصائب وما يمر فيه من أزمات مالية واقتصادية وسياسية واجتماعية وإدارية، وما يعتريه من فساد وانحطاط أخلاقي وثقافي وضياع وتشتت. ولبنان هو جزء غال من أمتنا، وهو مزروع في صلب قناعتنا القومية ووجداننا القومي العام، ونظرتنا الشاملة للوجود وللخير والمستقبل. ولبنان هو حصن سو ريانا الطبيعية، وهو جبلها، ونقطة إشعاع حضارية فيها، ونحن نعمل لحياته عندما نعمل لحياة سورية كلها.
 
لكن قولنا " يحيا لبنان " وان كان يرضي عاطفتنا وضميرنا الوطني؛ فانه يبقى حقيقة ناقصة من الناحية العملية والتطبيقية، لأن الكيان اللبناني كما تم تركيبه سنة 1920 أو سنة 1860 لا يملك المقومات والأسس لبناء الحياة الراقية الجميلة الخيرة لأبنائه. وهو عبر تاريخه لم يشهد حالة استقرار سياسي واجتماعي، ولا حالة أمن داخلي وخارجي، ولم يقدم لأبنائه سوى الأزمات والحروب والمشاكل، وظل ضعيفاً فقيراً من الوجهة الاقتصادية، يهاجر أبناؤه وقلما يعودون، وتستباح أرضه وحدوده، ويخاف أبناؤه من بعضهم ومن كل ما حولهم، ولا يستطيعون أن يحددوا له هوية ولا دوراً في الحاضر والمستقبل.
ولأننا نريد الحياة لنا وللبنانيين ونحن منهم؛ نعمل لتحيا سورية أمة قوية منيعة مزدهرة غنية، فيعم الغنى والازدهار في لبنان، ويستند الى قوة أمته التي تحميه وتحصّنه.
 
إن قولنا بانتماء لبنان الى سورية الطبيعية هو إعلان حقيقة تاريخية، يعترف بها كل من درس الواقع والتاريخ منذ ألوف السنين وحتى يومنا الحاضر، ولا حاجة أن نذكر الآن الشواهد على ذلك، وهي موجودة في الإنجيل وفي المعاجم والقواميس، وفي أدب جبران والريحاني ومي زيادة والبستاني وسلمى الصايغ، وفي اسم الجامعة الأميركية يوم تأسيسها، وفي ألوف المراجع والوقائع.
 
وقولنا بانتماء لبنان الى سورية يعني من الوجهة الحقوقية أن اللبنانيين هم شركاء في ثروات البلاد السورية كلها، أي أن لهم حقاً في نفط العراق والكويت ودير الزور ومنطقة الجزيرة، وفي خيرات السهول السورية وفي مياهها وموارد الطاقة فيها وفي معادنها، وفي قوة شعبها وحضارته التي تمتد جذورها الى أكثر من ستة آلاف سنة.
 
وان قولنا تحيا سورية وعملنا لحياتها يعني أن يكون المواطن ابن دولة فدرالية أو كونفدرالية، تعداد سكانها سبعون مليوناً، ومساحتها مليون وأربعمائة ألف كيلومتر مربع، وهي غنية بكل أنواع الخصب والثروات، ويعني ذلك أنها قادرة أن تنشئ جيشاً من خمسة ملايين جندي يحمي كل حدودها ووجودها، وأن تبني صناعة متقدمة متطورة، وأن تبني صروحاً للعلم والمختبرات، خصوصاً وأنها تتمتع بصفات الذكاء والعبقرية التي تتوزع حالياً في جامعات الدنيا كلها وفي مصانعها، حتى وكالة الفضاء الأميركية ووكالة الطاقة الذرية، وتستفيد أميركا من عبقرية أبنائنا وذكائهم واختراعاتهم.
 
وان حياة سورية الأمة تعني أن تتغذّى خزينة لبنان من منابع الخير والثروات السورية في العراق والكويت والشام، فينخفض التضخم والعجز والضرائب، وينعم الشعب اللبناني بالبحبوحة والرفاه، وتتأمن له الضمانات الصحية الكاملة، والعلم الجامعي والازدهار الاقتصادي وفرص العمل والإبداع والإشعاع الثقافي والعلمي، ولا نعود بحاجة الى للديون من البنك الدولي والميريل لانش، ولا أن يصبح بلدنا مرتهناً للخارج، ولا نعود نستعطي الدول الكبرى التي تنهب ثرواتنا، بل نصبح أعضاء في دولة قوية غنية، عزيزة الجانب، زاخرة بالخير لشعبها، يعتز بها أبناؤها حيثما ذهبوا ويشعرون أنهم أبناء دولة تحميهم وترعاهم وتفرض احترامهم حيثما هم.
حتى الإنتاج الزراعي يصبح متكاملاً ما بين سهول لبنان وبقاعه وجباله، وسهول سورية وفلسطين والعراق وأغوار الأردن، وتدعمه دولة قوية تفرض تصريفه في الأسواق العربية والأفريقية والآسيوية والغربية، عبر معاهدات تبادل تجاري وعقود اقتصادية، فلا يعود مزارعو العنب والتفاح والفواكه يشكون بوار المواسم والعجز عن تغطية المصاريف والتكاليف.
إن الذين قسّموا بلادنا سنة 1918 في معاهدة سايكس_ بيكو، وزرعوا "إسرائيل" في جنوبها؛ حكموا علينا بالموت الجماعي والتدريجي، ونحن نكافح لاستعادة حقنا بالحياة. والذين سلخوا لبنان عن محيطه الطبيعي قطعوا جذوره عن أرض الخصب والخيرات، وحكموا عليه أن يكون كياناً صغيراً ضعيفاً فقيراً مشرداً مهاجراً، وورقة في مهب الريح الدولية، ومجتمعاً متشققاً، ينهار ويسقط على رؤوس بنيّه كلما اهتزت الأوضاع في الشرق؛ ونحن نريد له الحياة وذلك بأن نعيد وصل ما انقطع، وان نستعيد حقه في خيرات بلاده السورية وقوتها ومناعتها.
وان ذلك لا يعني إلغاء كيان لبنان وتذويبه ودمجه بالجمهورية العربية السورية، ولا يعني فقدان حرية أبنائه، وديمقراطية الحياة السياسية والاجتماعية فيه، ولا أن تخسر فئة من أبنائه حقها في إيمانها، وطريقة عيشها وحرية معتقداتها، فهذه قيم مقدسة عندنا ولا نقبل أن تطغى فئة على فئة، أو أن تفرض عليها تغيير إيمانها ودينها وطقوسها الموروثة من التراث السوري القديم. نحن مع قولنا بحياة سورية ووحدتها؛ نؤكد احترامنا للكيان اللبناني، وبأنه وقف على إرادة الشعب اللبناني، وبأنه نطاق ضمان للحرية وللفكر النهضوي، وبأنه الأخ العزيز المكرّم في الأسرة السورية والعربية العامة. ومع محافظتنا هذه على خصوصية وضعه التاريخي؛ نعمل للتقارب والتكامل والتعاون الأخوي مع محيطه السوري لإقامة نظام مشترك يؤمن الخير للجميع، ويضمن الحق الطبيعي لكل أبنائه.
ونحن أمامنا اليوم أمثلة كثيرة من أوروبا السائرة نحو وحدتها، دون أن تلغي دولها القائمة، ومن الولايات المتحدة الأميركية التي تحكم العالم لأنها دولة اتحادية فدرالية، ومن جمهورية ألمانيا الفدرالية، ومن دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن مجلس التعاون الخليجي، حيث لم يلغ أحد الآخر، بل تم تسهيل دورة الحياة وصنع الخير للجميع.
 
ماذا يضيرنا يا ترى إن أقمنا دولة اتحادية مشرقية، أو مجلس تعاون بين لبنان وسورية والأردن والعراق وفلسطين، وسوقاً مشتركة ومعاهدة دفاع وحماية وأمن؟؟
هل تجرؤ تركيا عندئذ أن تقطع مياه الفرات عنا.. وهل تجرؤ "إسرائيل" على التجبر على جنوبنا وعلى أهلنا في فلسطين..
واستطراداً هل تبقى "إسرائيل "على قيد الحياة؟؟..
 
  Aujourd'hui sont déjà 3 visiteurs (7 hits) Ici!  
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement