مفوضية كينشاسا المستقلة
  ألمبدأ الإصلاحي الأول
 
المبدأ الإصلاحي الأول
 
فصل الدين عن الدولة
 
إن أعظم عقبة في سبيل تحقيق وحدتنا القومية وفلاحنا القومي هي تعلق المؤسسات الدينية بالسلطة الزمنية وتشبث المراجع الدينية بوجوب كونها مراجع السيادة في الدولة وقبضها على زمام سلطانها أو بعض سلطاتها، على الأقل. والحقيقة أن معارك التحرر البشري الكبرى كانت تلك التي أقامت  بين مصالح الأمم ومصالح المؤسسات الدينية بمبدأ الحق الإلهي والشرع الإلهي في حكم الشعوب والقضاء فيها. وهو مبدأ خطر استعبد الشعوب للمؤسسات الدينية استعبادا أرهقها. ولم تنفرد المؤسسات الدينية باستعمال مبدأ الحق الإلهي والإرادة الإلهية، بل استعملته الملكية المقدسة أيضا، التي ادعت استمداد سلطانها من إرادة الله وتأييد المؤسسات الدينية لا من الشعب. في الدولة التي لا فصل بينها وبين الدين، نجد أن الحكم هو بالنيابة عن الله، لا عن الشعب. وحيث خف نفوذ الدين في الدولة عن هذا الغلو نجد السلطات الدينية تحاول دائما أن تظل سلطات مدنية ضمن الدولة.
الدولة الدينية، التيوكراطية، منافية للمبادئ القومية، لأنها تقول بسيطرة المؤسسة الدينية على مجموع المؤمنين كمزاعم البابوية والخلافة. فالبابا هو أمير المؤمنين أينما وجدوا وكذلك الخليفة. ليس في الدين أمة ومصالح شعوب، بل  مجموع من المؤمنين تسيطر عليه مؤسسة دينية متمركزة. ومن هذه الوجهة نرى شيئا دنيويا، سياسيا، إداريا تحتكره المؤسسة الدينية المقدسة. هذه هي الوجهة الدنيا من الدين. هي الوجهة التي كان الدين ولا يزال يصلح لها حين كان الإنسان لا يزال في طور بربريته أو قريبا منها، أما في عصرنا الثقافي فإنه لم يعد يصلح.
هذه هي الوجهة التي يحاربها الحزب القومي السوري الاجتماعي لا الأفكار الدينية الفلسفية أو اللاهوتية، المتعلقة بأسرار النفس والخلود والخالق وما وراء المادة.
إن فكرة الجامعة الدينية السياسية منافية للقومية عموما وللقومية السورية خصوصا، فتمسك السوريين المسيحيين بالجامعة الدينية يجعل منهم مجموعا ذا مصلحة متضاربة مع مصالح مجاميع دينية أخرى ضمن الوطن، ويعرض مصالحهم للذوبان في مصالح الأقوام التي تربطهم بها رابطة الدين.

وكذلك تشبث السوريين المحمديين بالجامعة الدينية يعرض مصالحهم للتضارب مع مصالح أبناء وطنهم الذين هم من غير دينهم، وللتلاشي في مصالح الجامعة الكبرى، المعرضة أساسيا، لتقلب غلبة العصبيات، كما تلاشت في العهد العباسي والعهد التركي.
ليس من نتيجة للقول بالجامعة الدينية سوى تفكك الوحدة القومية والانخذال في ميدان الحياة القومية. القومية لا تتأسس على الدين، ولا تتأسس عليه الدول القومية. لذلك نرى أن اكبر جامعتين دينيتين في العالم المسيحية والمحمدية، لم تنجحا بصفة كونهما جامعتين مدنيتين سياسيتين، كما نجحتا بصفة كونهما جامعتين روحيتين ثقافيتين. إن الجامعة الدينية الروحية لا خطر منها ولا خوف عليها. أما الجامعة الدينية المدنية الروحية فتجلب خطرا كبيرا على الأمم والقوميات ومصالح الشعوب، ولنا في العهد التركي الأخير(العثماني) أكبر دليل على ذلك.
إن الوحدة القومية لا يمكن أن تنم على أساس جعل الدولة القومية دولة دينية، لأن الحقوق والمصالح تظل حقوقا ومصالح دينية أي حقوق ومصالح الجماعة الدينية المسيطرة، وحيث تكونالمصالح والحقوق مصالح وحقوق الجماعة الدينية ،تنتفي الحقوق والمصالح القومية التي تعتبر أبناء الأمة الواحدة مشتركين في مصالح واحدة وحقوق واحدة. وبدون وحدة المصالح ووحدة الحقوق لا يمكن أن تتولد وحدة الواجبات ووحدة الإرادة القومية.
بهذه الفلسفة القومية الحقوقية تمكن الحزب السوري القومي الاجتماعي من وضع أساس الوحدة القومية وإيجاد الوحدة القومية بالفعل.
 
  Aujourd'hui sont déjà 6 visiteurs (18 hits) Ici!  
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement